القاضي محمود جاموس- محكمة استئناف القدس
معلوم أن انتخابات المجالس المحلية في فلسطين ضيف واقف على الأبواب، ومن المعلوم لصاحب الشأن كذلك الدور الجوهري الذي يلعبه القضاء في مراقبة هذه الانتخابات من خلال البت في الطعون المثارة من المواطنين والمرشحين ذات العلاقة بعملية الانتخاب ككل، الأمر الذي يستوجب إعدادا من القضاء لهذه المهمة واستعدادا لممارسة هذا الدور عن علم ودراية، لذلك ارتأيت أن أبيّن بعض الأمور المتعلقة بالانتخابات وخاصة فيما يتعلق بالاعتراضات والطعون التي تقدم قبل الانتخابات وبعد صدور النتائج، عسى أن تكون هذه المقالة إضاءة للقضاء والمواطنين.
بدايةً، فإن لجنة الانتخابات المركزية هي الهيئة التي تتولى إدارة العملية الانتخابية ككل، وتنظيمها والإشراف عليها واتخاذ جميع الاجراءات اللازمة لضمان حريتها وحسن سيرها ونزاهتها، وإن مكتب الانتخابات المركزية هو الادارة التنفيذية (الذراع التنفيذي الأهم) للجنة المذكورة.
أما من حيث القانون، فأشير أن قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية رقم (10) لسنة 2005 وتعديلاته هو القانون النافذ والمطبق على عملية الانتخاب في فلسطين، ومما ورد فيه أن الترشح يكون ضمن قوائم انتخابية على أساس التمثيل النسبي على أن يكون عدد القائمة لا يقل عن أغلبية عدد المقاعد المخصصة للدائرة وان عدد الأصوات الصحيحة في القائمة تقسم على ثمانية لأن اجتياز نسبة الحسم 8% أو أكثر من الأصوات الصحيحة في القائمة وأن هذه الانتخابات تجري كل أربع سنوات بقرار يصدر من مجلس الوزراء.
ورد أيضا أن حق الانتخاب -وليس الترشح- بموجب أحكام هذا القانون هو حق لكل من تتوافر فيه الشروط التالية:
1- أن يكون فلسطينيا بلغ الثامنة عشرة من عمره يوم الاقتراع.
2- أن لا يكون فاقد لأهليته القانونية.
3- أن يكون مقيما في الدائرة الانتخابية لمدة لا تقل عن ستة أشهر من تاريخ إجراء الانتخابات.
4- أن يكون اسمه مدرجا في سجل الناخبين النهائي للدائرة الانتخابية التي سيمارس حق الانتخاب فيها.
تقوم لجنة الانتخابات المركزية بإعداد سجلات الناخبين النهائية قبل مدة لا تقل عن ستين يوما ولا تزيد عن تسعين يوما في كل الدوائر الانتخابية، وهو ما سيتم قبل الانتخابات، وفي العادة تُقدّم العديد من الاعتراضات والطعون على سجل الناخبين قبل الانتخاب، وعلى نشر قوائم المرشحين، وعلى نتائج الانتخابات بعد إجرائها، وان المحكمة المختصة في نظر جميع هذه الطعون هي محكمة البداية في المنطقة التي تضم الدائرة الانتخابية.
وبإلقاء نظرة على الطعون المقدمة الى محاكم البداية يتبين أنها على ثلاثة أنواع:
أولا- الاعتراض على سجل الناخبين:
يكون الاعتراض على سجل الناخبين عندما تنشر لجنة الانتخابات المركزية سجل الناخبين بحيث يكون الحق في الاعتراض على السجل قائما لمدة خمسة ايام عمل من تاريخ النشر ولأي مواطن، ويقدم هذا الاعتراض الى اللجنة التي تصدر قراراتها في الاعتراض في خلال خمسة ايام من تاريخ الاعتراض .
هذه القرارات قابلة للاستئناف خلال خمسة ايام من تاريخ صدورها . ويقدم هذا الاستئناف الى محكمة البداية التي تقع الدائرة الانتخابية ضمن اختصاصها كما ذكرت سلفا، ويتوجب على المحكمة ان تصدر قرارها بالاستئناف خلال ثلاثة ايام ويكون قرارها نهائيا غير قابل للطعن فيه لدى أية جهة أخرى.
ثانيا- الاعتراضات على قوائم المرشحين:
تُقدّم الاعتراضات على نشر قوائم المرشحين خلال ثلاثة ايام من تاريخ نشر لجنة الانتخابات المركزية لهذه القوائم، وإن على اللجنة ان تصدر قراراتها في الاعتراضات المقدّمة لها خلال ثلاثة ايام من تاريخ انتهاء مدة تقديمها. هذه القرارات تكون قابلة للاستئناف كذلك امام محكمة البداية التي تقع الدائرة الانتخابية ضمن اختصاصها خلال ثلاثة ايام من تاريخ صدور القرار عن اللجنة وان على المحكمة ان تصدر قراراتها خلال خمسة ايام من تاريخ تقديمها ويكون قرارها في هذا الشان نهائي .
ثالثا- الطعن في نتائج الانتخابات:
لقد أقرّ قانون الانتخاب الحق لكل ناخب او مرشح -او وكيله- في الطعن مباشرة في نتائج الانتخابات امام محكمة البداية التي تقع الدائرة ضمن اختصاصها خلال اسبوع من تاريخ اعلان النتيجة اختصاصا حصريا للقضاء دون اللجنة، وعلى المحكمة أن تفصل في الطعن خلال خمسة ايام عمل من تاريخ تقديمه اليها وتبلغ لجنة الانتخابات بذلك للعمل بمقتضى القرارات الصادرة من إقرار أو إلغاء لهذه النتائج.
فاذا الغى قرار المحكمة عملية الانتخابات كلها او بعضها تجري الانتخابات خلال اربعة اسابيع من تاريخ صدور القرار ويعتمد في الاقتراع الثاني سجلات الناخبين في الاقتراع الاول.
ختاما، آمل أن أكون قد قمت للقارئ الكريم لمحة عن نظام الانتخابات المحلية في فلسطين راجيا أن يكون هذا الجهد المتواضع ومثله منطلقا لإدارة عملية انتخاب صحية صحيحة قائمة على أسس من النزاهة وسيادة القانون، وأن نكون كقضاء على قدر المسؤولية التي أناطها بنا القانون في الرقابة على هذه العملية والبت في طعون المواطنين والمرشحين، وصولا إلى مجالس محلية تمثل إرادة شعبنا الفلسطيني.