آخر تحديث تم : 28/03/2024 English الرئيسية اتصل بنا الخدمات الإلكترونية روابط
 


      رئيس مجلس القضاء الأعلى يلتقي وفداً من هيئة تسوية الأراضي             رئيس مجلس القضاء الأعلى يلتقي النائب العام و يبحثان قضايا مشتركة            المستشار محمد عبد الغني عويوي يتسلم مهامه رئيساً للمحكمة العليا/محكمة النقض رئيساً لمجلس القضاء الأعلى            إعلان للمعترضين على نتائج المسابقة القضائية لتعيين قضاة صلح            سلطة النقد و"القضاء الأعلى" يوقعان اتفاقية لربط المحاكم بمنظومة الدفع الوطنية E-SADAD            المستشار أبو شرار يلتقي وفداً من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وسواسية المشترك            إعلان بخصوص الاعتراضات على المسابقة القضائية      
المكتب الفني للمحكمة العليا  


15/06/2009

الدكتور / عبد القادر جرادة
قاضي محكمة البدايـة بغزة

لقد عانى القضاء الفلسطيني منذ إنشاءه من غياب العديد من الدوائر والمكاتب القضائية المهمة لأداء عمله على أكمل وجه ؛ الأمر الذي دعا المشرع الفلسطيني ليقرر إنشاء المكتب الفني للمحكمة العليا ، الذي يعتبر ـ وبحق ـ دائرة قضائية ذات بُعد قانوني وإداري بالغ الأهمية في العمل القضائي . وسنتناول في هذا الفصل إنشاء المكتب الفني وتشكيله واختصاصاته وأصول عمله ، وذلك على نحو ما هو تالٍ : ـ

أولاً : إنشاء المكتب الفني للمحكمة العليا .
نصت المادة (9) من قانون السلطة القضائية الفلسطيني ، والمادة (26 / 1) من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم (5) لسنة 2001م على أنه1 : " 1 ـ ينشأ بالمحكمة العليا مكتب فني يتولى رئاسته أحد قضاتها ، يعاونه عدد من القضاة أو القضاة المتقاعدين أو كبار المحامين ، يختارهم مجلس القضاء الأعلى ؛ لمدة سنتين قابلتين للتجديد . 2 ـ يلحق بالمكتب الفني عدد كاف من الموظفين " .

ولما كانت المحكمة العليا تتكون من محكمتين ، الأولى : محكمة النقض ، والأخرى : محكمة العدل العليا ، ولكل محكمة اختصاصها ، فإن محكمة النقض تأتي على قمة النظام القضائي ، تمارس مهمتها الجليلة في توحيد أحكام القضاء وتفسيره ، وبالتالي وحدة التشريع الوطني ذاته ، الأمر الذي يحقق في النهاية مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون .

ولكن وجود محكمة نقض واحدة ، لا يضمن في حد ذاته وحدة القضاء ، ذلك أن تعدد دوائرها، وهو أمر تحتمه كثرة الطعون وتنوعها ، يتيح الفرصة أمام اختلاف أحكامها .
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن ، كيف يمكن التغلب على ما يمكن أن ينجم عن تعدد الدوائر من اختلاف في قضائها ؟
والإجابة على ذلك : أن هناك عدة وسائل لمواجهة تلك المشكلة ، أخذت الأنظمة القضائية المختلفة ببعضها ، أو بكلها ، وتلك الوسائل هي : ـ
أولاً : أن يلحق بالمحكمة مكتب فني ؛ للإشراف على جدول المحكمة ، يتولى عرض الطعون المتماثلة ، والمرتبطة ـ التي يحتاج الفصل فيها إلى تقرير مبدأ قانوني واحد ـ على المحكمة ، وذلك لنظرها أمام دائرة واحدة2 .
ثانياً : أن يتاح لقضاة محكمة النقض بصفة عاجلة الوقوف على كافة الأحكام المتعلقة بالمسائل القانونية المطروحة عليها ، وقد ذهبت الأنظمة القانونية المختلفة لتحقيق ذلك الهدف مذاهب شتى ، ففي النمسا أنشئ عام 1854م سجل للأحكام تقيد فيه الأحكام الصادرة من المحكمة العليا ، ثم أنشئ عام 1872م نظام فهرست الأحكام ، الذي أوجب تدوين ملخص بكافة أحكام المحكمة العليا ، غير أن الأسلوب الحديث للإطلاع ، يتمثل في نظام تبويب الأحكام ، وقد أخذت بهذا النظام إيطاليا ، حيث أنشأت مركزاً لتبويب ملخص بكافة أحكام محكمة النقض ، وقد أقيم في فرنسا نظام مماثل ، بموجب المادة ( 10 ) من قانون 23 يوليو سنة 1947م .
أما في مصر ، فيقوم المكتب الفني لمحكمة النقض ، وفي فلسطين المكتب الفني للمحكمة العليا، باستخلاص المبادئ القانونية التي تقرها المحكمة ، فيما تصدره من أحكام وتبويبها ومراقبة نشرها ، بعد عرضها على الدائرة التي أصدرتها .
أما في إيطاليا فقد ألحق بمحكمة النقض مكتباً يسمى مكتب قوائم الطعون ، يقدم لكل دائرة عند بدء نظرها للطعن ، ومع ملف الطعن ، ملخص بكافة الأحكام الصادرة من أي دائرة أخرى من دوائر المحكمة المتعلقة بالمسألة القانونية المعروضة عليها ؛ لضمان علم قضاة المحكمة بها .

وقد أخذت ألمانيا بنظام الدائرة الكبرى ، والدوائر الكبرى المجتمعة ، على غرار ما أخذ به المشرع المصري في المادة ( 4 ) من قانون السلطة القضائية ، من الإحالة إلى كل من الهيئة العامة للمواد الجنائية ، والهيئة العامة للمواد المدنية ، والتجارية ، والأحوال الشخصية ، كل في مجاله ، والهيئتين العامتين مجتمعتين3

ثانياً : تشكيل المكتب الفني للمحكمة العليا
يُؤلف المكتب الفني للمحكمة العليا من4 : ـ

  1. رئيس المكتب الفني , ويتولاه أحد قضاة المحكمة العليا .
  2. وكيل المكتب الفني .
  3. عدد كاف من قضاة المحاكم .

وأجازت اللائحة لمجلس القضاء الأعلى ـ بناء على تنسيب رئيس المجلس ـ أن يعين بالمكتب الفني ـ من حين لآخر ـ عدد آخر من قضاة محاكم الاستئناف ورؤساء محاكم البداية لمدة سنة قابلة للتجديد5 .
وهذا الأمر مخالف للمادة (9) من قانون السلطة القضائية والمادة (26) من قانون تشكيل المحاكم النظامية ؛ ذلك أنه المشرع أجاز تعيين القضاة من كافة الدرجات القضائية أوالقضاة المتقاعدين أو كبار المحامين للعمل بالمكتب الفني , ولا يجوز للمجلس أن يستثني درجات قضائية معينة والمحامين من العمل في المكتب ما دام المشرع قد أجاز هذا الأمر ؛ مما يقتضي من المجلس تعديل اللائحة والعودة إلى النص القديم .
ويدير العمل بالمكتب الفني للمحكمة العليا رئيس المكتب الفني ، ويتولى توزيع الأعمال بين الأعضاء ، وينوب عنه عند غيابه وكيل المكتب الفني ، ثم الأقدم من الأعضاء6 .
ولرئيس مجلس القضاء الأعلى ندب أي قاض من القضاة العاملين بالمكتب الفني للمحكمة العليا لأي عمل أخر من أعمال القضاء . ويلحق بالمكتب الفني للمحكمة العليا عدد كاف من الموظفين ، يختارهم رئيس مجلس القضاء الأعلى ، ويخضعون لإشراف ، وإدارة رئيس المكتب الفني7 .

ثالثاً : اختصاصات المكتب الفني للمحكمة العليا.

لقد جاءت اختصاصات المكتب الفني للمحكمة العليا بنص القانون ، حيث نصت المادة ( 10 ) من قانون السلطة القضائية الفلسطيني ، والمادة ( 27 ) من قانون تشكيل المحاكم النظامية الفلسطيني ، على أنه : " يختص المكتب الفني بما يلي :

  1. استخلاص المبادئ القانونية التي تقررها المحكمة العليا ، فيما تصدره من أحكام ، وتبويبها ، ومراقبة نشرها ، بعد عرضها على رئيس المحكمة .
  2. إعداد البحوث اللازمة .
  3. أية مسائل أخرى يطلبها رئيس المحكمة العليا " .

    وبموجب قرار مجلس القضاء الأعلى رقم (1) لسنة 2006م بشأن اللائحة التنفيذية للمكتب الفني فإنه يختص بما هو تالٍ 8 : ـ

أ ـ استخلاص المبادئ القانونية التي تقررها المحكمة العليا فيما تصدره من أحكام وتبويبها ومراقبة نشرها .
ب ـ إعداد البحوث القانونية اللازمة ؛ بناء على طلب رئيس المحكمة العليا أو إحدى دوائرها .
ج ـ إعداد مشاريع اللوائح التنفيذية لقانون السلطة القضائية ، وتقديمها لمجلس القضاء الأعلى للتصديق عليها حسب الأصول .
د ـ عقد الندوات والدورات التدريبية والمؤتمرات القانونية في الداخل والخارج ، وما يستتبع ذلك من تنسيق مع الجهات المختصة .
هـ ـ تلقي ما يرد من منح تعليمية ، وعرضها على رئيس المجلس ؛ للنظر فيما يتبع بشأنها .
و ـ الموضوعات الخاصة بجميع أوجه التعاون الدولي .
ز ـ إعداد أهم القرارات التي يصدرها مجلس القضاء الأعلى والتي تهم أعضاء السلطة القضائية ؛ لتوزيعها عليهم .
ح ـ إعداد المآخذ الفنية والإدارية التي يرى رئيس مجلس القضاء الأعلى إبلاغها للقضاة ؛ لتلافيها في عملهم .
ط ـ إعداد تقنين شامل للمخالفات التأديبية للقضاة والجزاءات المترتبة عليها والإجراءات المتبعة بهذا الشأن ، تمهيداً لإصداره في صورة تشريع يلحق بقانون السلطة القضائية .
إذ يجب أن يعرف القضاة ما هو مباح لهم ، لا أن يلتزمون بواجب غامض مفاده الامتناع عن الإخلال بواجبات الوظيفة أو بكرامتها ، إذ إن ذلك من شأنه أن يجعل القاضي في حالة تردد ، هل تصرفه يشكل مخالفة تأديبية ، أم لا ؟
ي ـ يجوز للمحكمة العليا أن تحيل طعناً ما للمكتب الفني لإعداد مذكرة قانونية بالرأي فيه .
يجوز للمحكمة العليا أن تحيل طعناً ما للمكتب الفني قبل الفصل فيه ؛ لإعداد مذكرة بالرأي حول الولاية القضائية للمحكمة أو الاختصاص أو الشكل أو الموضوع , وبالتالي هل الطعن مقبول أم غير مقبول ؟ علماً بأن الرأي الذي تنتهي إليه المذكرة ، لا يعتبر ملزماً للمحكمة .
ك ـ أية مسائل أخرى يطلبها رئيس المحكمة العليا .
وأخيراً يلاحظ أن للمكتب الفني أن يقدم لرئيس مجلس القضاء الأعلى ما يراه من اقتراحات وتوصيات في أي شأن من شؤون القضاء9 .

رابعاً : أصول عمل المكتب الفني للمحكمة العليا .
مما لا ريب فيه أن عمل المكتب الفني للمحكمة العليا ، عمل له منهجيته ، وأدواته ، منهجية علمية يلتزم بها وأدوات يستخدمها ؛ لاستخلاص المبادئ القانونية التي تقررها المحكمة فيما تصدره من أحكام ونشرها ، بالإضافة إلى إجراء البحوث القانونية ، وإعداد المذكرات القانونية في الطعون محل البحث . ويجب أن ترسل إلى المكتب الفن