آخر تحديث تم : 13/04/2024 English الرئيسية اتصل بنا الخدمات الإلكترونية روابط
 


     تهنئة بمناسبة عيد الفطر المبارك            مجلس القضاء الأعلى يعقد اجتماعين مع استقلال ومساواة            المرحلة الراهنة والصعوبات الناجمة عنها            رئيس مجلس القضاء الأعلى يستقبل مدير برنامج سواسية 3 المشترك             رئيس مجلس القضاء الأعلى يلتقي وفداً من هيئة تسوية الأراضي             رئيس مجلس القضاء الأعلى يلتقي النائب العام و يبحثان قضايا مشتركة            المستشار محمد عبد الغني عويوي يتسلم مهامه رئيساً للمحكمة العليا/محكمة النقض رئيساً لمجلس القضاء الأعلى      
المكتب الفني للمحكمة العليا  


15/06/2009

الدكتور / عبد القادر جرادة
قاضي محكمة البدايـة بغزة

لقد عانى القضاء الفلسطيني منذ إنشاءه من غياب العديد من الدوائر والمكاتب القضائية المهمة لأداء عمله على أكمل وجه ؛ الأمر الذي دعا المشرع الفلسطيني ليقرر إنشاء المكتب الفني للمحكمة العليا ، الذي يعتبر ـ وبحق ـ دائرة قضائية ذات بُعد قانوني وإداري بالغ الأهمية في العمل القضائي . وسنتناول في هذا الفصل إنشاء المكتب الفني وتشكيله واختصاصاته وأصول عمله ، وذلك على نحو ما هو تالٍ : ـ

أولاً : إنشاء المكتب الفني للمحكمة العليا .
نصت المادة (9) من قانون السلطة القضائية الفلسطيني ، والمادة (26 / 1) من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم (5) لسنة 2001م على أنه1 : " 1 ـ ينشأ بالمحكمة العليا مكتب فني يتولى رئاسته أحد قضاتها ، يعاونه عدد من القضاة أو القضاة المتقاعدين أو كبار المحامين ، يختارهم مجلس القضاء الأعلى ؛ لمدة سنتين قابلتين للتجديد . 2 ـ يلحق بالمكتب الفني عدد كاف من الموظفين " .

ولما كانت المحكمة العليا تتكون من محكمتين ، الأولى : محكمة النقض ، والأخرى : محكمة العدل العليا ، ولكل محكمة اختصاصها ، فإن محكمة النقض تأتي على قمة النظام القضائي ، تمارس مهمتها الجليلة في توحيد أحكام القضاء وتفسيره ، وبالتالي وحدة التشريع الوطني ذاته ، الأمر الذي يحقق في النهاية مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون .

ولكن وجود محكمة نقض واحدة ، لا يضمن في حد ذاته وحدة القضاء ، ذلك أن تعدد دوائرها، وهو أمر تحتمه كثرة الطعون وتنوعها ، يتيح الفرصة أمام اختلاف أحكامها .
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن ، كيف يمكن التغلب على ما يمكن أن ينجم عن تعدد الدوائر من اختلاف في قضائها ؟
والإجابة على ذلك : أن هناك عدة وسائل لمواجهة تلك المشكلة ، أخذت الأنظمة القضائية المختلفة ببعضها ، أو بكلها ، وتلك الوسائل هي : ـ
أولاً : أن يلحق بالمحكمة مكتب فني ؛ للإشراف على جدول المحكمة ، يتولى عرض الطعون المتماثلة ، والمرتبطة ـ التي يحتاج الفصل فيها إلى تقرير مبدأ قانوني واحد ـ على المحكمة ، وذلك لنظرها أمام دائرة واحدة2 .
ثانياً : أن يتاح لقضاة محكمة النقض بصفة عاجلة الوقوف على كافة الأحكام المتعلقة بالمسائل القانونية المطروحة عليها ، وقد ذهبت الأنظمة القانونية المختلفة لتحقيق ذلك الهدف مذاهب شتى ، ففي النمسا أنشئ عام 1854م سجل للأحكام تقيد فيه الأحكام الصادرة من المحكمة العليا ، ثم أنشئ عام 1872م نظام فهرست الأحكام ، الذي أوجب تدوين ملخص بكافة أحكام المحكمة العليا ، غير أن الأسلوب الحديث للإطلاع ، يتمثل في نظام تبويب الأحكام ، وقد أخذت بهذا النظام إيطاليا ، حيث أنشأت مركزاً لتبويب ملخص بكافة أحكام محكمة النقض ، وقد أقيم في فرنسا نظام مماثل ، بموجب المادة ( 10 ) من قانون 23 يوليو سنة 1947م .
أما في مصر ، فيقوم المكتب الفني لمحكمة النقض ، وفي فلسطين المكتب الفني للمحكمة العليا، باستخلاص المبادئ القانونية التي تقرها المحكمة ، فيما تصدره من أحكام وتبويبها ومراقبة نشرها ، بعد عرضها على الدائرة التي أصدرتها .
أما في إيطاليا فقد ألحق بمحكمة النقض مكتباً يسمى مكتب قوائم الطعون ، يقدم لكل دائرة عند بدء نظرها للطعن ، ومع ملف الطعن ، ملخص بكافة الأحكام الصادرة من أي دائرة أخرى من دوائر المحكمة المتعلقة بالمسألة القانونية المعروضة عليها ؛ لضمان علم قضاة المحكمة بها .

وقد أخذت ألمانيا بنظام الدائرة الكبرى ، والدوائر الكبرى المجتمعة ، على غرار ما أخذ به المشرع المصري في المادة ( 4 ) من قانون السلطة القضائية ، من الإحالة إلى كل من الهيئة العامة للمواد الجنائية ، والهيئة العامة للمواد المدنية ، والتجارية ، والأحوال الشخصية ، كل في مجاله ، والهيئتين العامتين مجتمعتين3

ثانياً : تشكيل المكتب الفني للمحكمة العليا
يُؤلف المكتب الفني للمحكمة العليا من4 : ـ

  1. رئيس المكتب الفني , ويتولاه أحد قضاة المحكمة العليا .
  2. وكيل المكتب الفني .
  3. عدد كاف من قضاة المحاكم .

وأجازت اللائحة لمجلس القضاء الأعلى ـ بناء على تنسيب رئيس المجلس ـ أن يعين بالمكتب الفني ـ من حين لآخر ـ عدد آخر من قضاة محاكم الاستئناف ورؤساء محاكم البداية لمدة سنة قابلة للتجديد5 .
وهذا الأمر مخالف للمادة (9) من قانون السلطة القضائية والمادة (26) من قانون تشكيل المحاكم النظامية ؛ ذلك أنه المشرع أجاز تعيين القضاة من كافة الدرجات القضائية أوالقضاة المتقاعدين أو كبار المحامين للعمل بالمكتب الفني , ولا يجوز للمجلس أن يستثني درجات قضائية معينة والمحامين من العمل في المكتب ما دام المشرع قد أجاز هذا الأمر ؛ مما يقتضي من المجلس تعديل اللائحة والعودة إلى النص القديم .
ويدير العمل بالمكتب الفني للمحكمة العليا رئيس المكتب الفني ، ويتولى توزيع الأعمال بين الأعضاء ، وينوب عنه عند غيابه وكيل المكتب الفني ، ثم الأقدم من الأعضاء6 .
ولرئيس مجلس القضاء الأعلى ندب أي قاض من القضاة العاملين بالمكتب الفني للمحكمة العليا لأي عمل أخر من أعمال القضاء . ويلحق بالمكتب الفني للمحكمة العليا عدد كاف من الموظفين ، يختارهم رئيس مجلس القضاء الأعلى ، ويخضعون لإشراف ، وإدارة رئيس المكتب الفني7 .

ثالثاً : اختصاصات المكتب الفني للمحكمة العليا.

لقد جاءت اختصاصات المكتب الفني للمحكمة العليا بنص القانون ، حيث نصت المادة ( 10 ) من قانون السلطة القضائية الفلسطيني ، والمادة ( 27 ) من قانون تشكيل المحاكم النظامية الفلسطيني ، على أنه : " يختص المكتب الفني بما يلي :

  1. استخلاص المبادئ القانونية التي تقررها المحكمة العليا ، فيما تصدره من أحكام ، وتبويبها ، ومراقبة نشرها ، بعد عرضها على رئيس المحكمة .
  2. إعداد البحوث اللازمة .
  3. أية مسائل أخرى يطلبها رئيس المحكمة العليا " .

    وبموجب قرار مجلس القضاء الأعلى رقم (1) لسنة 2006م بشأن اللائحة التنفيذية للمكتب الفني فإنه يختص بما هو تالٍ 8 : ـ

أ ـ استخلاص المبادئ القانونية التي تقررها المحكمة العليا فيما تصدره من أحكام وتبويبها ومراقبة نشرها .
ب ـ إعداد البحوث القانونية اللازمة ؛ بناء على طلب رئيس المحكمة العليا أو إحدى دوائرها .
ج ـ إعداد مشاريع اللوائح التنفيذية لقانون السلطة القضائية ، وتقديمها لمجلس القضاء الأعلى للتصديق عليها حسب الأصول .
د ـ عقد الندوات والدورات التدريبية والمؤتمرات القانونية في الداخل والخارج ، وما يستتبع ذلك من تنسيق مع الجهات المختصة .
هـ ـ تلقي ما يرد من منح تعليمية ، وعرضها على رئيس المجلس ؛ للنظر فيما يتبع بشأنها .
و ـ الموضوعات الخاصة بجميع أوجه التعاون الدولي .
ز ـ إعداد أهم القرارات التي يصدرها مجلس القضاء الأعلى والتي تهم أعضاء السلطة القضائية ؛ لتوزيعها عليهم .
ح ـ إعداد المآخذ الفنية والإدارية التي يرى رئيس مجلس القضاء الأعلى إبلاغها للقضاة ؛ لتلافيها في عملهم .
ط ـ إعداد تقنين شامل للمخالفات التأديبية للقضاة والجزاءات المترتبة عليها والإجراءات المتبعة بهذا الشأن ، تمهيداً لإصداره في صورة تشريع يلحق بقانون السلطة القضائية .
إذ يجب أن يعرف القضاة ما هو مباح لهم ، لا أن يلتزمون بواجب غامض مفاده الامتناع عن الإخلال بواجبات الوظيفة أو بكرامتها ، إذ إن ذلك من شأنه أن يجعل القاضي في حالة تردد ، هل تصرفه يشكل مخالفة تأديبية ، أم لا ؟
ي ـ يجوز للمحكمة العليا أن تحيل طعناً ما للمكتب الفني لإعداد مذكرة قانونية بالرأي فيه .
يجوز للمحكمة العليا أن تحيل طعناً ما للمكتب الفني قبل الفصل فيه ؛ لإعداد مذكرة بالرأي حول الولاية القضائية للمحكمة أو الاختصاص أو الشكل أو الموضوع , وبالتالي هل الطعن مقبول أم غير مقبول ؟ علماً بأن الرأي الذي تنتهي إليه المذكرة ، لا يعتبر ملزماً للمحكمة .
ك ـ أية مسائل أخرى يطلبها رئيس المحكمة العليا .
وأخيراً يلاحظ أن للمكتب الفني أن يقدم لرئيس مجلس القضاء الأعلى ما يراه من اقتراحات وتوصيات في أي شأن من شؤون القضاء9 .

رابعاً : أصول عمل المكتب الفني للمحكمة العليا .
مما لا ريب فيه أن عمل المكتب الفني للمحكمة العليا ، عمل له منهجيته ، وأدواته ، منهجية علمية يلتزم بها وأدوات يستخدمها ؛ لاستخلاص المبادئ القانونية التي تقررها المحكمة فيما تصدره من أحكام ونشرها ، بالإضافة إلى إجراء البحوث القانونية ، وإعداد المذكرات القانونية في الطعون محل البحث . ويجب أن ترسل إلى المكتب الفن