آخر تحديث تم : 28/03/2024 English الرئيسية اتصل بنا الخدمات الإلكترونية روابط
 


      رئيس مجلس القضاء الأعلى يلتقي وفداً من هيئة تسوية الأراضي             رئيس مجلس القضاء الأعلى يلتقي النائب العام و يبحثان قضايا مشتركة            المستشار محمد عبد الغني عويوي يتسلم مهامه رئيساً للمحكمة العليا/محكمة النقض رئيساً لمجلس القضاء الأعلى            إعلان للمعترضين على نتائج المسابقة القضائية لتعيين قضاة صلح            سلطة النقد و"القضاء الأعلى" يوقعان اتفاقية لربط المحاكم بمنظومة الدفع الوطنية E-SADAD            المستشار أبو شرار يلتقي وفداً من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وسواسية المشترك            إعلان بخصوص الاعتراضات على المسابقة القضائية      
أثر الشكوى والادعاء بالحق المدني  


11/05/2009

بقلم : فاتح حمارشة
المكتب الفني - مجلس القضاء الأعلى

اختلفت التشريعات المقارنة في مدى حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجزائية إلى مذهبين: هما المذهب القانوني والمذهب التقديري. ففي المذهب الأول تجبر النيابة العامة على تحريك الدعوى الجزائية بمجرد علمها بوقوع الجريمة وتكون مجبرة على ذلك بحكم القانون وليس لها أي خيار آخر. بينما يترك المذهب التقديري للنيابة حرية مطلقة في تقدير ما إذا كان الفعل يستحق مقاضاة الفاعل وبالتالي تحريك الدعوى أم أنه لا يستحق ذلك

تعرف الشكوى على أنها إبلاغ من المجني عليه أو وكيله الخاص إلى النيابة العامة أو أحد مأموري الضابطة القضائية لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد مرتكب الجريمة. 1

إن المتتبع لقانون العقوبات الأردني لسنة 1960 يجد أن المشرع قد علق تحريك بعض الجرائم على شكوى أهمها الجرائم التالية:-

  1. جرائم الزنا خلافاً للمادة 284 من قانون العقوبات الأردني لسنة 1960.
  2. جرائم الإيذاء المقصود إذا لم ينجم عنها عطل أو ضرر لمدة تزيد على عشرة أيام خلافاً للمادة 334 عقوبات.
  3. جرائم السفاح بين الأصول والأخوة خلافاً للمادة 364 والمادة 365 عقوبات لسنة 1960.
  4. جريمة خرق حرمة المنازل خلافاً للمادة 347 عقوبات.
  5. جريمة إساءة الأمانة خلافاً للمادة 422 عقوبات.
  6. وفي مثل هذه الجرائم لا تستطيع النيابة العامة تحريك الدعوى الجزائية إلا بناء على شكوى من الفريق المتضرر الذي له الحق والحرية في تقدير ظروفه والموازنة بين فائدته من تحريك الدعوى الجزائية من عدمها.

لكن المشرع أيضاً أوقف تحريك جريمة الذم والقدح والتحقير خلافاً للمادة 364 من قانون العقوبات لسنة 1960 على إدعاء بالحق المدني، فقد جاء في قرار محكمة الاستئناف المنعقدة في رام الله "في جرائم الشتم والذم والتحقير إذا لم يدع المشتكي بالحق الشخصي فإن على المحكمة أن تقرر وقف الملاحقة" .2

من هنا تثور التساؤلات التالية: ما الفرق بين الشكوى والادعاء بالحق المدني؟ وهل الادعاء بالحق المدني يتضمن في طياته شكوى أم يختلف كل منهما عن الآخر؟

نصت المادة 4 من قانون الإجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2003 على أنه ( 1- لا يجوز للنيابة العامة إجراء التحقيق أو إقامة الدعوى الجزائية التي علق القانون مباشرتها على شكوى أو ادعاء مدني أو طلب أو إذن إلا بناء على شكوى كتابية أو شفهية من المجني عليه أو وكيله الخاص أو ادعاء مدني منه أو من وكيله الخاص أو إذن أو طلب من الجهة المختصة.
2- يجوز في الدعاوى التي قيد القانون مباشرتها على شكوى أو ادعاء بالحق المدني من المجني عليه التنازل حتى يصدر في الدعوى حكم نهائي...)، كما نصت المادة 3 من القانون المذكور ( على النيابة العامة تحريك الدعوى الجزائية إذا أقام المتضرر نفسه مدعيا بالحق المدني وفقا للقواعد المعينة في القانون).

قبل الشروع في تحليل النصوص السابقة لا بد من الإشارة إلى أن التشريعات المقارنة اختلفت في مدى حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجزائية إلى مذهبين هما المذهب القانوني والمذهب التقديري 3 ؛
ففي المذهب الأول تجبر النيابة العامة على تحريك الدعوى الجزائية بمجرد علمها بوقوع الجريمة وتكون مجبرة على ذلك بحكم القانون وليس لها أي خيار آخر، وقد اتبع هذا المذهب في تشريع الثورة الفرنسية لعام 1791 وأخذت به بعض الدول الأخرى مثل ألمانيا واليونان والنمسا. بينما يترك المذهب التقديري للنيابة حرية مطلقة في تقدير ما إذا كان الفعل يستحق مقاضاة الفاعل وبالتالي تحريك الدعوى أم أنه لا يستحق ذلك؟ وقد تبنى هذا المذهب القانون الإيطالي والسويسري وسائر قوانين الدول العربية.

ورغم أن لكل مذهب حججه التي يرتكن إليها إلا أن لكل مذهب أيضا مساوئه التي لا يمكن تلافيها، لذلك جاءت بعض القوانين وأعطت للنيابة الحرية المطلقة في تحريك الدعوى الجزائية وجعلت عليها رقيبا في ذلك وهو الشخص المتضرر من الجريمة، إذ أجبرت هذه القوانين النيابة العامة على تحريك الدعوى الجزائية، رغم أن لها الخيار والحرية أصلا، متى أقام المتضرر من الجريمة نفسه مدعيا بالحق المدني وهذا ما جاء به قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني لسنة 2001 في المادة الثالثة منه. إذ أعطت هذه المادة للمتضرر من الجريمة الحق في إجبار النيابة العامة على تحريك الدعوى الجزائية ضد المتهم في أي جريمة كانت متى ادعى المتضرر بالحق المدني.

ولا يجب الخلط في هذا المقام بين ما ذكر سابقا وبين الجرائم التي يتوقف تحريكها على إدعاء بالحق الشخصي وهي جريمة وحيدة في قانون العقوبات لسنة 1960 جريمة الذم والتحقير خلافاً للمادة 364 منه، إذ يعد الإدعاء بالحق الشخصي في الحالة الثانية متطلباً سابقاً وقيدا على تحريك الدعوى الجزائية لا يمكن تحريها بدونه، بينما يكون الإدعاء بالحق المدني في غيرها من الجرائم مجبراً للنيابة على تحريك الدعوى الجزائية.

ولكن ولما كان نص المادة 3 من قانون الإجراءات الجزائية لسنة 2001 الذي أوجب تحريك الدعوى الجزائية إذا أقام المتضرر نفسه مدعيا بالحق المدني مطلقاً، فإن النيابة العامة تكون مجبرة على تحريك الدعوى الجزائية في جريمة الذم والقدح والتحقير التي تتطلب إدعاءً مدنياً لتحريكها، وذلك وفقا للقاعدة الأصولية "المطلق يجري على إطلاقه ما لم يرد نص التقييد، والعام يبقى عاما ما لم يرد نص التخصيص " وبالتالي يكون الإدعاء بالحق الشخصي في جريمة الذم والتحقير مُجبراً للنيابة على تحريك دعوى الذم والقدح والتحقير رغم أنه أصلاً لرفع قيد وضعه القانون على تحريك الدعوى الجزائية.

الفرق بين الشكوى والإدعاء بالحق الشخصي

بداية لا بد من الاتفاق على أن الشكوى تختلف عن الادعاء بالحق المدني لأن المشرع قد فرق بينهما، وتناول لفظ الشكوى ولفظ الإدعاء بالحق